"غياب متابعة الأهل".. خطر صامت يهدد مستقبل الطلبة

نبض البلد -

زريقات: جوهر العملية التربوية قائم على الاحترام المتبادل بين إدارة المدرسة وأولياء الأمور
دهون: انعكاسات شعور الطفل بالإهمال تتجلى في سلوكيات مضطربة

 شذى حتاملة

في ظل التحديات التربوية المتزايدة، بات غياب أولياء الأمور عن متابعة شؤون أبنائهم الدراسية يُشكّل تهديدًا صامتًا لا يقل خطورة عن أي خلل في منظومة التعليم. إذ لا تقتصر آثار هذا الغياب على تراجع التحصيل الأكاديمي، بل تمتد إلى اضطرابات سلوكية ونفسية تمسّ كيان الطفل وشخصيته وتوازنه.
وبينما تسعى المدارس إلى تحسين أدائها، تظل الشراكة الغائبة مع الأهل حلقة مفقودة في معادلة نجاح الطالب، ما يدعو إلى تسليط الضوء على هذه القضية وإعادة بناء جسور التعاون بين البيت والمدرسة.

ضعف المتابعة.. أسباب متعددة ونتائج مقلقة
وأكدت الدكتورة ريما زريقات، مديرة إدارة التعليم الخاص سابقًا، أن تراجع متابعة أولياء الأمور لأبنائهم في المدارس مردّه إلى عدة عوامل، أبرزها تضارب مواعيد الفعاليات المدرسية مع أوقات عملهم، أو بُعد مواقع العمل عن المدارس، ما يحدّ من قدرتهم على الحضور والمشاركة.
وأضافت أن غياب المعلومات قد يكون سببًا جوهريًا في هذا الانقطاع، سواء بسبب إهمال الأبناء في نقل الدعوات، أو عدم تفعيل قنوات التواصل المناسبة من قبل المدرسة، مما يترك بعض أولياء الأمور خارج دائرة التواصل، عن قصد أو غير قصد.
ولفتت زريقات إلى أن تجارب سلبية سابقة، أو سوء فهم بين المدرسة وولي الأمر، قد تترك أثرًا يدفع بعض الأهالي للعزوف عن التواصل، خاصة إذا اقتصر التفاعل المدرسي على فئة معينة دون غيرها، أو شابته أحكام مسبقة ناتجة عن مواقف انضباطية مع الطلبة.

التواصل الفاعل أساس التحصيل وحل المشكلات
وشددت زريقات على أن التواصل الفاعل بين الأهل والمدرسة هو الركيزة الأساسية في دعم التحصيل الدراسي والسلوك الإيجابي لدى الطلبة. فحين يطّلع ولي الأمر على مستوى ابنه الأكاديمي، يمكنه التدخل في الوقت المناسب، ومساعدته على اختيار المسار المناسب لقدراته وميوله، سواء كان أكاديميًا أو مهنيًا.
كما أكدت أهمية دور ولي الأمر في كشف مشكلات مثل الخجل، القلق، أو صعوبات التواصل الاجتماعي، بالتعاون مع المرشد التربوي، مشيرة إلى أن معرفة نمط تعلم الطالب يساعد في تحسين أدائه وتفاعله داخل الصف.

حلول مقترحة لتعزيز الشراكة التربوية
واقترحت زريقات تطوير أدوات التواصل مع أولياء الأمور، عبر تفعيل حسابات المدارس على وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء حسابات رقمية خاصة بالطلبة تُتيح للأهل متابعة الأداء الأكاديمي والسلوكي بشكل مباشر، إلى جانب تزويدهم بأرقام هواتف وإيميلات المعلمين والإداريين، لفتح باب التواصل السريع والفعّال.
كما دعت إلى تنظيم اجتماعات في أوقات مرنة، واستطلاع آراء أولياء الأمور لاختيار الأوقات الأنسب لهم، فضلًا عن إشراكهم في الأنشطة المدرسية والتكريمات، بما يعزز انتماءهم وارتباطهم بالبيئة المدرسية.
وشددت في ختام حديثها على ضرورة تحديث بيانات الطلبة بدقة، بما يشمل تحصيلهم السنوي والحالات الصحية، لضمان تعامل المعلمين معهم بطريقة تراعي احتياجاتهم الفردية، مؤكدة أن جذر العملية التربوية يقوم على الاحترام والتكامل بين المدرسة وأولياء الأمور.

التأثيرات النفسية والسلوكية لإهمال الأهل
من جانبه، حذر المرشد النفسي والتربوي محمد عيد الدهون من الآثار النفسية العميقة التي يخلّفها غياب متابعة الأهل، معتبرًا أن شعور الطفل بالإهمال ينعكس على ثقته بنفسه وعلى استقراره النفسي والاجتماعي.
وأوضح الدهون أن الأطفال الذين لا يحظون باهتمام ذويهم قد يطوّرون سلوكيات عدوانية أو تمردًا بهدف جذب الانتباه، أو قد يميلون إلى الانسحاب والعزلة، ما يؤدي إلى ضعف مهاراتهم الاجتماعية وتراجع قدرتهم على بناء علاقات.
وأشار إلى أن فقدان الثقة في البالغين نتيجة غياب الأهل قد يجعل الطفل أكثر ترددًا في طلب المساعدة أو التفاعل داخل المدرسة، مما يزيد من احتمالية السلوكيات التخريبية أو الفشل الأكاديمي.
وفي ختام حديثه، شدد الدهون على ضرورة وعي الأهل بدورهم الأساسي في حياة أبنائهم، ليس فقط من حيث المتابعة الدراسية، بل في بناء شخصية متوازنة قادرة على مواجهة التحديات بثقة وتكامل نفسي واجتماعي.