"بيت العمال" يصدر ورقة موقف حول قرار وقف استقدام العمالة غير الأردنية

نبض البلد -
يتابع المركز الأردني لحقوق العمل – بيت العمال، القرار الحكومي القاضي بوقف استقدام العمالة غير الأردنية، ويثمن الجهود المبذولة لتنظيم سوق العمل وضبط التجاوزات، إلا أن القرار بصيغته الحالية التي جاءت شاملة لجميع القطاعات دون تمييز يثير مخاوف حقيقية بشأن مدى انسجامه مع متطلبات السوق وتأثيره على التوازن المطلوب بين تنظيم الاستخدام وضبط المخالفات، وعلى استقرار قطاعات اقتصادية حيوية.

لقد تجاهل القرار الفروقات الجوهرية في ظروف كل قطاع، والتي منها ما يعتمد على أنماط تشغيل موسمية أو يتسم بمعدلات دوران وظيفي مرتفعة كقطاعي الزراعة والإنشاءات، حيث يعد الاستقدام المنتظم للعمالة الوافدة ضرورة لاستمرارية العمل، وعليه فإن الحظر الشامل قد يؤدي إلى نقص في اليد العاملة في العديد من القطاعات مع ما يرافق ذلك من تراجع في الإنتاجية وارتفاع في الكلف ينعكس على الأسواق والمستهلكين.

كان يفترض في مثل هذا القرار الاعتماد على دراسات قطاعية ومسوحات ميدانية تسبق اتخاذه، فالتخطيط السليم يقتضي تحليلا دقيقا لاحتياجات كل قطاع من العمالة وتقييما علميا لفجوات العرض والطلب ومدى قدرة البرامج الوطنية على إحلال العمالة المحلية بشكل واقعي.

من الواضح أن القرار جاء استجابة لمشكلة حقيقية تتمثل في استغلال العمالة الوافدة من قبل سماسرة وأصحاب عمل مخالفين، ووجود سوق سوداء للاتجار بتصاريح العمل وهي مخالفات تستحق المواجهة الحازمة، لكن ذلك لا يبرر اللجوء إلى الحظر الشامل كخيار وحيد وهو خيار سيضر أكثر بأصحاب العمل والعمال الملتزمين أكثر مما سيضبط المخالفين والسماسرة.

أثبتت تجارب عديدة سابقة أن مثل هذه القرارات رغم سهولتها من الناحية الإدارية لم تحقق نجاحا يذكر في إصلاح الاختلالات الهيكلية في سوق العمل بل زادت من الاعتماد على العمل غير المنظم وأضعفت الرقابة على ظروف التشغيل، وتسببت في زيادة الكلف في العديد من القطاعات، وعليه فإن نجاح التنظيم يتطلب سياسات مرنة مبنية على بيانات محدثة ومراجعات دورية لاحتياجات كل قطاع، بما في ذلك تخصيص نسب استقدام مدروسة عند الضرورة مع تطوير بيئة العمل لجعل المهن متاحة وجاذبة للعمالة الوطنية ترافقها برامج تدريب وتأهيل للعمالة الأردنية اللازمة لكل قطاع بمشاركة حقيقية من أصحاب العمل، وتعزيز الأجور والحماية الاجتماعية والتدريب المهني.

وإذ يؤكد المركز على ضرورة احترام حقوق جميع العاملين من أردنيين ووافدين فإنه يرى أن السياسة المثلى هي تلك التي توفق بين مكافحة الاستغلال وتلبية احتياجات الاقتصاد وتوسيع فرص العمل للأردنيين ضمن بيئة عادلة ولائقة.

وعليه، يدعو المركز الحكومة إلى إعادة النظر في القرار بصيغته الشاملة والانخراط في حوار تشاركي مع ممثلي القطاعات الاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني، بهدف تطوير سياسة تشغيل متوازنة قائمة على التقييم الواقعي وتعزز استقرار سوق العمل وحماية حقوق الإنسان.