نبض البلد - بقلم الدكتور :- عدنان متروك شديفات
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، يبرز مطلب أهالي قضاء منشية بني حسن بضرورة إنشاء مدرسة مهنية كأحد الأولويات التعليمية والتنموية التي طال انتظارها، لما لها من آثار مباشرة على واقع المجتمع المحلي وأجياله القادمة.
ويأتي هذا التوجه منسجماً مع رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، الذي لطالما أكّد في خطبه ورسائله على أهمية تمكين الشباب الأردني وتوجيههم نحو التعليم المهني والتقني، كأداة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، كما تندرج هذه المطالب ضمن سياق مبادرات سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، الذي يُولي اهتماماً بالغاً بهذا القطاع من خلال دعمه المستمر للمراكز والمشاريع المهنية، تأكيداً على أن التعليم المهني ركيزة أساسية في بناء اقتصاد منتج وشباب فاعل في مجتمعه.
التعليم المهني لم يعد خياراً بديلاً أو هامشياً، بل أصبح حاجة وطنية مناطقية تنموية ومطلب أساسي لمواكبة سوق العمل وتخفيف البطالة بين فئات الشباب والشابات، خاصة في المجتمعات التي تعاني من محدودية الفرص الأكاديمية والوظيفية، ومع تزايد عدد الطلبة الراغبين في الالتحاق بالتعليم المهني داخل منشية بني حسن، تزداد الحاجة إلى وجود مؤسسة مهنية قريبة تُلبّي هذا الطموح، وتفتح أمام الشباب آفاقاً حقيقية لمستقبل أكثر استقراراً وكرامة.
جميع المقومات جاهزة ... وما يُعزز أهمية هذا المطلب أن جميع العوامل اللازمة لإنشاء المدرسة المهنية متوفرة في منشية بني حسن، حيث توجد أراضٍ مناسبة تابعة للمدارس الموجودة حالياً قابلة للاستثمار في هذا المشروع، ومبانٍ إضافية بالمدارس قائمة قابلة للتأهيل والتجهيز كمقر للمدرسة مبدئي يتم التوسعة فيما بعد بالعدد المتوافر حالياً، ومطلب ودعم محلي واسع من الأهالي في آن، يعكس إدراكاً جماعياً لأهمية التعليم المهني ، واستعداد تنظيمي وتنسيقي من قبل كل الجهات المعنية بالمنشية لتسهيل أي إجراءات إدارية أو فنية ، وما تم ذكره في هذه المقومات وما في هذا الواقع يجعل من إنشاء المدرسة ليس حلماً بعيداً ، بل مشروعاً قابلاً للتنفيذ الفوري، في حال توفر القرار الرسمي والدعم المؤسسي اللازم.
إذ يعاني طلبة منشية بني حسن حالياً من أعباء يومية كبيرة كأعباء التنقل والمصاريف تثقل كاهل الأسر وتتمثل أيضاً في التنقل إلى مناطق مثل ارحاب للوصول إلى أقرب مدرسة مهنية، وهو ما يسبب ضغطاً نفسياً وجسدياً على الطلبة، بالإضافة إلى تكاليف مالية مرهقة للأسر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ، وفي كثير من الحالات، يُضطر بعض الطلبة إلى التخلي عن حلمهم المهني بسبب بعد المسافة أو ضيق ذات اليد.
وجود مدرسة مهنية محلية يعني ببساطة إنصاف هذه الفئة من الشباب، وتوفير بيئة تعليمية مهنية في متناول الجميع دون أعباء إضافية.
ولأن التنمية بالمناطق تبدأ من التعليم ، فمن المؤكد أن المدرسة المهنية لن تكون مجرد مبنى تعليمي، بل ستكون رافعة تنموية واقتصادية للمجتمع كله في المنشية وبأسره، بتمكين الشباب بمهارات مهنية وفنية تؤهلهم لسوق العمل، وتعزيز فرص التشغيل الذاتي والمشاريع الصغيرة داخل القضاء، والحد من البطالة والفقر في صفوف فئة الشباب، وتحفيز الاستقرار الأسري والاجتماعي من خلال دعم التعليم المهني المحلي، كما أن المدرسة المهنية ستكون منبراً لنشر ثقافة العمل اليدوي والمهني، وتعزيز النظرة الإيجابية للتعليم التطبيقي كخيار فعّال ومشرّف.
إن أبناء قضاء منشية بني حسن يُناشدون اليوم الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم، ووزارة العمل، ومؤسسات التعليم المهني والتقني، أن يلتفتوا إلى هذا المطلب المشروع، وأن يبادروا بتحويله إلى مشروع وطني يخدم أبناء المنطقة ويكرّس العدالة التنموية.
لقد آن الأوان لتوسيع مظلة التعليم المهني لتشمل المناطق الطرفية، وأن تُعامل المجتمعات الريفية كرافعة حقيقية في بناء الاقتصاد الوطني، وإن إنشاء مدرسة مهنية في منشية بني حسن لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة وطنية ومجتمعية تخدم أهداف التعليم والتشغيل والعدالة الاجتماعية، والمجتمع المحلي في المنشية وأولياء الأمور ينتظرون ويأملون أن يجد هذا المشروع التنموي آذاناً صاغية، وأن يتحوّل هذا المطلب إلى قرار يُترجم على أرض الواقع، قريبًا لا بعيدًا.