التنسيق الأردني - التركي : جبهة مضادة للإرهاب والدور الإسرائيلي في سوريا

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

تفرض حتمية الجغرافيا السياسية على الأردن وتركيا أن تواصلا التنسيق فيما بينهما بشأن سورية التي دخلت مرحلة انتقالية حاسمة لبناء نظام سياسي جديد وفقًا لمعايير وطنية ودولية محددة، وهي تواجه تحديات داخلية وخارجية عديدة، لا يمكنها التغلب عليها دون تلقي الدعم من جيرانها الأردنيين والأتراك الذين يتأثر أمنهما القومي بمجريات الأوضاع السياسية والأمنية فيها، ومن هنا يأتي لقاء وزراء خارجية الأردن وتركيا وسورية في أنقرة بناءً على ما تم تأسيسه من تفاهمات استراتيجية في لقاءات سياسية وأمنية سابقة.

اللقاء الأردني - السوري - التركي ركز على أبرز تحديين تواجههما سورية، وهما، صعود الدور السياسي والعسكري الإسرائيلي في سورية لزراعة بذور التوتر والانقسام بين المكونات الوطنية للشعب السوري إلى جانب خطورة استعادة التنظيمات المتطرفة نشاطها الإرهابي، وسبل التصدي لذلك.

ينظر الأردنيون والأتراك للدور الإسرائيلي في سورية من زاويتين متداخلتين، الأولى منهما ترتبط بالأبعاد الأمنية والتوازنات الإقليمية. أما الثانية تتعلق بالتداعيات السياسية والاستراتيجية على سورية والمنطقة برمّتها.

تركيا التي تتموضع كقوة إقليمية ذات نفوذ في الساحة السورية تشترك مع الأردن في تعريف السياسة الإسرائيلية والإشارة لدورها وتأثيرها السلبي على استقرار المنطقة ومسار إعادة بناء الدولة الوطنية السورية، وهذا تحدٍ مشترك بالنسبة لعمان وأنقرة اللتين تقتضي مصالحهما إنجاح المرحلة الانتقالية السورية وعدم السماح لأي فاعل إقليمي بتعطيل مسارها، كون ذلك يعد مدخلًا وحيدًا لبناء نظام سياسي سوري شرعي، يمكنه ترميم الدولة السورية لتكون قادرة على استعادة مواطنيها اللاجئين في كل من الأردن وتركيا، وهما بلدان يستضيفان أعدادًا كبيرة منهم، ويواجهان العديد من المشكلات الاقتصادية، ومن مصلحتهما أن تنجح سورية في استعادة عافيتها؛ لأن ذلك يخفف الضغوط المختلفة عنهما.

إلى جانب ذلك، فإن خطر استعادة تنظيم "داعش" نشاطه الإرهابي يهدد الأمن الإقليمي بصورة عامة، وهو ما تحاول أن تكبح جماحه الأردن وتركيا قبل أن يحدث، فالدولتان، لدى كل منهما تجربة خاصة معه، وبالتالي فإن التنسيق الأمني الاستباقي بينهما يُسهل إمكانية احتواء هذا الخطر في حال حدوثه.

يُواصل الأردن جهوده الدبلوماسية لتفكيك الألغام "الأمنية"، وإطفاء الحرائق الإقليمية، عن طريق بناء شراكات استراتيجية مع الدول الفاعلة، إدراكًا عميقًا منه لتحولات السياسة، والجغرافيا السياسية، وحرصًا منه على تأمين مصالحه الوطنية في بيئة إقليمية مضطربة.