أنا وحقيبتي،،،

نبض البلد - خليل النظامي


اجلس أنا وحقيبتي السوداء، رفيقة دربي الوحيدة في زاوية مقهى شعبي تحت ضوء خافت يتسلل من النوافذ الخشبية المطلة على عالم لا يعرفني ولا اعرفه،، ومن حولي يجلس أناس لا اعرفهم ولا يعرفونني، لكنهم يميزون بوضوح شديد انني لست واحدا منهم،،،،

نعم لا تستغربوا أحبتي، حقيبتي ولا أحد سواها يرافقني منذ أن غادرت عمان متجها إلى القاهرة،،،

دعوني أحدثكم عنها وأعرفكم عليها،،

في داخلها تختبئ الحياة كلها،، لابتوب تتكدس فيه رسائل لم ترسل، ومقالات وتحقيقات وصور لم تنشر، واسرار يمكن ان تقلب الموازين بلحظة، وأوراق جامدة تنزف من بين سطورها أطروحة دكتوراه اكتبها بقلب أنهكه البعد والفراق،،،

اما جيبها الجانبي، فتتقلب فيه وانا امشي زجاجة عطر رديء الرائحة، اشتريتها يوم ضاق صدري فبحثت عن أي شيء يشبهني في رخصه ووحدته،،،

أما علبة السجائر، فشاهد صامت على كل لحظة انهزام مررت بها، وكل فكرة لم أستطع قولها والبوح فيها من سطوة الجبابرة، وكل صرخة اختنقت في صدري خشية أن يسمعني أحد،،،،

هنا ؛ على هذه الطاولة الخشبية أمامي لا شيء سوى الصمت، ومقعدان، أحدهما لي، والآخر للحقيبة،،،

فالناس من حولي يتحدثون ويضحكون، وبعضهم يهمسون بكلمات دافئة،، أما أنا،، فأمارس عادة الوحدة بكل طقوسها،، أخرج وحدي، أكتب وحدي، أتحدث إلى نفسي، أبتسم للأشياء المكسورة، وأقنع نفسي أن الغربة مجرد اختبار عابر، رغم أنها تأكلني ببطء شديد،،،