رُغْمَ الغِياب شعر: عبد العزيز محيي الدين خوجة

نبض البلد -


أوَّاهُ يا حبيبتي يا ذلكَ القَدَرُ الجَمِيلْ
جودي.. كما شَاء الهَوَى
صُديّ.. إذا شاءَ الهَوَى
إنّي رَضِيتُ بأنْ أَكُونَ مُتيَّمًا
ما دامَ في العُمْرِ القَلِيلْ
* * *
لَمَّا تساقَيْنا المَوَدَّةَ بَيْنَنا
ما كُنْتُ أَعْلَمُ بالحقيقةِ..
إنّني مِنْ غَيْرِ وَجْهِكِ
لا أَرَى أَبَدًا صَبَاحْ
وَبِأَنَّ صَوْتَكِ وَحْدَهُ يُطْفِي تَبَارِيحَ الجِرَاحْ
وَيُمِدُّني بالرُّوحِ أُنْعِشُ خافِقي ذاكَ القَتِيلْ
لِتَقُولَ لي دَقَّاتُهُ: إنَّ التي أَحْيا لها
مِنْ حقِّها هِيَ وَحْدَها
عِشْقي المُخَبَّأُ والمُبَاحْ
* * *
أوَّاهُ يا أَحْلَى وأَجْمَلَ ما يَخُطُّ لَهُ قَلَمْ
يا ذلكَ الحُلُمُ المُنَمَّقُ في خَيَالِ قَصِيدَتي
يا ذلكَ الشِّعْرُ الذي قَدْ طَافَ في الملَكُوتِ
تَمْتَمَ صَبْوَتي
قُولي نَعَمْ حتَّى أُفَجِّرَ ما تَبَقَّى مِنْ نَغَمْ
* * *
لَمَّا خَطَوْنا في مداراتِ الغِيابْ
ووجَدْتُ نَفْسي..
ذلك الصَّبّارُ يَشْكُو وَحْدَتي
أَدْرَكْتُ مَعْنَى الاغترابْ
أَيْقَنْتُ يا حبيبتي
أنَّ الذي في خافِقي
حُبٌّ لوجْهِكِ لا يُخَادِعُهُ سَرَابْ
تِلْكَ الحَقِيقَةُ وَحْدَها
تِلْكَ التي لا شَمْسَ يحْجُبُها ضَبَابْ
* * *
وَتَثُورُ تَسْأَلُني: أَأَهْواها؟
وَهلْ لي في حَنايا النّفسِ إلّاها!
فَهذا القَلْبُ مَثْواها وَمَرْتَعُها الضُّلُوعْ
وَتَثُورُ.. أَمْسَحُ ما يَثُورُ مِنَ الدُّمُوعْ
وَنَعُودُ أَرْواحًا وَأَجْسادًا وأَفْئدَةً وَهَمْهَمَةً تَضُوعْ
أَتُحِبُّني؟
أَأُحِبُّها؟
يا ذلك القَوْلُ المُكَرَّرُ مِنْ ثَنَاياها عَسَلْ
نَعَمْ! أَجَلْ! حَتَّى يَحِينَ بِيَ الأَجَلْ
حَتَّى أُوَارَى في التُّرَابْ
فُضِحَ الهَوَى فالسِّرُّ ليسَ لَهُ حِجَابْ
لَمَّا أَتَيْتُ إلى الحِمَى سَكِرَ الجوابْ
لَمْ يَشْكُ مِنْ أَلَمِ العَذَابْ
وَعَرَفْتُ أنَّكِ في الوجودِ حَبيبتي رُغْمَ الغِيابْ!!