ابراهيم أبو حويله يكتب :الإستسلام ...

نبض البلد -

ضع نفسك مكان زعيم القبيلة الهندي الذي خاف على شعبه فإستسلم ، فلم يبقي شعبا ولا أرضا وخذ قرارك .

ما دام هناك أرض يريدونها أو يريدون نهب خيراتها أو لهم فيها مآرب جغرافية أو مادية ، فهم سيرتكبون كل جريمة تخطر في بالك ولا تخطر في بالك للإستيلاء عليها ، والإستسلام لهذه الفئة هو ضرب من الجنون ، فهم لاحقا سيقومون بالقضاء عليك وعلى ذريتك إن إستطاعوا أو يهجروك من أرضك ، هؤلاء ليسوا مسلمين يكتفون بجزء يسير مقابل حمايتك وحماية أرضك ، ويبقون لك دور عبادتك وحريتك وأرضك ، هؤلاء هدفهم أنت كإنسان تحيا على هذه الأرض التي يريدون سرقتها ، فكل هذه الدولة مقامة على أرض مسروقة ، البعض القليل منها تم شراؤه حتى لا ينزعج الصه اينة العرب .

عندما دخل المستعمرون الأوائل إلى الأرض الأمريكية ، لم يكن في نيتهم إبقاء أي أنسان من السكان الإصليين في هذه الأرض ، وهذا واضح من تلك القوانين التي وضعوها والتي لا يزال بعضها محفوظا في متاحفهم ، ولذلك كان هناك حرص شديد على كل ما يساهم في التخلص منهم ، سواء القتل او النقل او نشر الأمراض بينهم أو حرق محاصيلهم وتجويعهم ، أو قطع الماء عنهم وحرمانهم من حصصهم من الطعام ووسائل البقاء للقضاء على أكبر عدد منهم ، وهذا ما لم يخفوه من رسائلهم وما كتبوه عن تاريخهم .

كان الهدف هو إستعمار إحلالي ، العمل على فناء جنس للإستلاء على أرضه وأملاكه ، ونشر أقوال من قبيل وحوش لا تعقل ويأكلون زوجاتهم وأبناءهم، وقانون لإبعاد الهنود إلى ما بعد المسيسبي ، وسلسلة من حروب لا تنتهي ، ولا مانع من بقاء قلة قليلة تحتفل ببعض الشعائر وتمارس بعض الطقوس ، ولكن يجب القضاء على معظمهم ، وهذا ما قام به جورج واشنطن وغيره الكثيرون ، حتى أنهم عندما وجدوا الذهب في بعض الأراضي الخاصة بهؤلاء السكان الإصليين قاموا بنقلهم سيرا على الأقدام مسافات طويلة ، تم من خلال هذا النقل تعريضهم لكل الوسائل البشعة من تجويع وتعطيش ونقل أمراض وإراهاق للمساهمة بتقليل إعدادهم والتخلص منهم .

وهذا الفكر مورس في أمريكا الجنوبية ومورس في إستراليا ونيوزلندا ، دون الشعور بإدنى ذنب تجاه هؤلاء البشر ، لأن العقلية القائمة هنا هي عقلية تمت شيطنتها تماما من خلال عمليات مسح عقلي قام بها رجال الدين والمستكشفين وبعض علماء الإجتماع والإنسان للأسف بأن هؤلاء ليسوا بشرا ولا يوجد مبرر ديني او عقلي أو علمي لعدم قتلهم والإستيلاء على أرضهم ، بحيث تم إعتبار هذه المخلوقات عالة لا فائدة ترجى منها ، وهي كما قال أحدهم وحوش يتم التخلص منها من أجل نقل الحضارة إلى هذه الأرض البور .
 
إن عدم رؤية الأخر وعدم الإحساس به ، هو شعور عام في هذه الفئة من البشر فهم على إختلاف مع غيرهم من البشر الشرقيين لا يرون إلا معاناتهم فقط ، ولا يسمعون إلا أصواتهم ، ولذلك مهما حاولت رفع الصوت مع هذه الفئة فلن يجدي ، طبعا هناك إستثناء يحدث اليوم بصورة بطيئة وينمو بشكل مطرد ، وهو أن هناك فئة من الجيل الصاعد عندهم لم يتم ممارسة غسل أدمغة لها ، لأن التربية البيتية والدينية قلت بشكل كبير نتيجة للظروف الحديثة ، ولهذا بدأنا نسمع أصواتا عندهم تنادي بلحن نشاز بالنسبة إليهم ، ولكن هذا الصوت ما زال ضعيفا ، ويصطدم مع مؤسسات سياسية وإجتماعية قوية ، ولا يحدث التأثير المطلوب ، نعم قد يكون له تأثير في المستقبل .

لكن ما علاقة كل هذا بالإستسلام ، وعن أي إستسلام نتكلم ، هنا نحن نتكلم عن مفهوم الإستسلام كمفهوم بعيدا عن الأحداث الإخيرة ، وإن كان الهدف هو الإستفادة من الدروس التاريخية عند التعامل مع هذه الفئة من البشر ، فلو (وأعوذ بالله من كلمة لو ) لم يستسلم السكان الإصليين لهذه الفئة المستعمرة ، وقاومهم بكل شيء بالحجر والعصا والنفس حتى أخر رجل ، يا نحن يا أنتم لا حل هنا بيننا ، برأيي ولهذا إستعذت من كلمة لو ، لكان الوضع العالمي كله اليوم مختلف ، فهذه الملايين من البشر كان من الممكن أن تضع حدا لهذه الفئة ولطغيانها وتجبرها وقتلها لغيرها ، هذا القتل الذي يقع تحت مسميات مختلفة ، وكلها تصب في مفهوم واحد هو الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والفصل العنصري .

للأسف الضريبة التي يدفعها الشعب الفلسطيني كبيرة وكبيرة جدا ، وحجم المعاناة فاق كل الحدود البشرية الممكن تحملها أو قبولها ، ومع ذلك ما زال هذا المجتمع الغربي المتص هين يرفض وقف النار وعلى رأسهم الولايات المتحدة ، رغم دموع التماسيح التي يذرفونها على الأبرياء من النساء والأطفال والكبار الذين يقتلونهم بأسلحتهم وتمويلهم ودعمهم المادي والمعنوي وبأيدي الصها ينة ، أنهم يسعون لهدف واحد هو أن تستلم .

ضع نفسك مكان زعيم القبيلة الهندي الذي خاف على شعبه فإستسلم ، فلم يبقي شعبا ولا أرضا وخذ قرارك .

ابراهيم أبو حويله...