النظرة الدينية في الصراع ...

نبض البلد - إبراهيم أبو حويله

دائما ما أقول بأن فهم رجال الدين وشهوات ورجال الدين وإنحرافات رجال الدين ، كان لها أثر كارثي على حياة البشر ، ودفع البشر ثمن هذه التجاذبات بشكل حروب مستمرة إستهلكت البشرية ردحا طويلا من الزمن ، ودفع البشر ثمن هذه التجاذبات من حياتهم وأموالهم وحريتهم وحركتهم في هذه الحياة .

ولو إلتزم رجال الدين بالنص الأصلي الذي جاء به صاحب الرسالة ، والأهداف الأساسية لهذه الرسالات، ربما لكانت حياة البشر على هذا الكوكب أفضل .

معظم الديانات في نصها الأصلي قبل التلاعب وتحريف النص وليّه وأخراجه عن معناه لا تحث على العنف ، ولا تسعى لإحتلال الأخر ولا إستعباده ولا سرقة أرضه وأمواله ، ولكن الذي يحدث غالبا هو شهوة رجال الدين في السيطرة ، ونشر الفكرة والدعوة لها بشكل يصل إلى إرهاب الأخر وإستعمال محاكم التفتيش أحيانا في حقه وإجباره على تبني ما يريدون من أفكار .

وهنا نقع في حلقة القوة ومن يملكها ، فهو من يملك الوسائل لإجبار الأخر والتحقيق معه وإجباره على تبني ما يتبنى من أفكار وعقائد سواء كانت سليمة أو مشوهة أو محرفة ، ونقع في إجبار والتهرب من الإجبار ، ومع الإجبار تجد التقية والنفاق في إظهار الدين وإبطان أخر ، وهذا ما حدث مع الإسلام واليه ودية في القرون الوسطى عندما سعت الكنيسة لإجبارهم على تغيير معتقدهم والدخول في المسيحية رغبة ورهبة .

طبعا دفع الكل الثمن لهذا الإجبار حيث ظهرت اليه ودية بشكل منهج باطني في هذه الفترة وحرص منتسبيها على إظهار المسيحية وإبطان دينهم ، وهكذا حدث مع المسلمين الذين لم يستطيعوا المغادرة أوروبا في تلك الفترة ، وبعضهم لاحقا تغير دينه نعم وتبني الدين الذي فرض عليه .

ولكن المشكلة الحقيقة ظهرت في حركات الإصلاح الديني التي ظهرت بعد ذلك ، وهنا ظهر الأثر الحقيقي لهذه الفئة التي غيرت دينها ولكنها لم تغير فكرها وعقيدتها .

وما أن وصلت هذه إلى أماكن التأثير والقوة ، حتى بدأت المسيحية نفسها تتغير ، وظهرت المسيحية الصه يونية للوجود ، فبعد أن كان العداء واضحا بين المسيحية واليه ودية ظهرت حركات إصلاح جديدة تتبنى الفكرة اليه ودية وتدافع عن حقوق اليه ود وتسعى لخلق فرص لهم وتتبنى نظرية تفوقهم وتضحياتهم وأنهم هم أصل الدعوة المسيحية.

وتسعى لإعادة السيطرة لهم ليس فقط في مراكز القوة الداخلية ، بل تسعى لتحقيق نبوءاتهم في العودة إلى أرض الميعاد فلسطين ، لأنه بعودتهم تتحقق نبوءات التوارة والإنجيل ، ويساهمون في تحقيق الشروط المناسبة لعودة المسيح والمعركة الفاصلة بين قوى الخير من جهة وهي هم وقوى الشر من جهة أخرى وهي دول العالم الإسلامي واحيانا يضم لهم روسيا .

وهكذا تتجهز المنطقة للإنتصار النهائي على قوى الشر في العالم ، فهم يروننا قوى شر ، بصرف النظر عن كونك متدين أو غير متدين وبصرف النظر عن كونك مسيحي أو مسلم ، ولذلك هم يتعاملون مع مسيحي الشرق بنفس الطريقة ونفس العداء .

للإسف تم تبني هذا المنهج في كثير من بلدان العالم الغربي بريطانيا والمانيا وأمريكا والتي هي كلها تتبنى هذا الفكر وتسعى له ، ومن هنا يظهر جليا وواضحا حقيقة الدعم المطلق التي تحظى بها هذه الوليدة الغير الشرعية في المنطقة ، حتى أن بعض روؤساء الولايات المتحدة ومنهم ريغان كان مستعدا لشن حرب نووية في سبيل حمايتها ، لانها السبيل برأيه لتحقيق نبوءاتهم والخلاص الأخير حسب ما يزعمون .

وهذا الفكر له حضور قوي في العالم الغربي وتحديدا في أمريكا ويتراجع مع تراجع قوة التيارات الدينية ، ولكن مع هذا التراجع يبقى هذا الفكر هو الوتر الذي يلعب عليه السياسيون للحصول على أكبر عدد من الأصوات والتعاطف الشعبي ، ولذلك لا تستغرب تغير موقفهم بعد تركهم للسياسة ، وهذا تغير لا يؤثر للأسف على مجريات الأمور لأن التيار الأقوى شعبيا هناك هو هذا التيار الداعم لهذا الكيان ولهذه الفكرة .

طبعا الغرب تحديدا لديهم مشكلة عضوية مع الي هود هم، فهم لا يرغبون بأن يكون هناك طائفة مختلفة موجودة بينهم ، فكرة التعديدة غير مقبولة بالنسبة لهم ، ولذلك سعوا إلى الخلاص من هذه المجموعة من جهة وغرسها في خاصرة الأمة من جهة أخرى ، وهذا يحقق هدفين بالنسبة للسياسين الخلاص منهم من جهة والعمل على إضعاف الجبهة الإسلامية من جهة أخرى.

وكل ذلك يحقق للفئة المتدينة هدفهم الأسمى وهو تحقيق ما جاء ما في عقول رجال الدين والفهم للنصوص الدينية ، حتى أن أحد الباحثين يشبه قيام دولة الكيان بالنسبة لهذه الدول، بعودة الخلافة الراشدة العادلة عند المسلمين .

في ضوء الأحداث الأخيرة ولفهم العقلية المؤثرة على السياسين الغرب .

فأننا نفهم جيدا التعاطف الكبير الذي تحظى به هذه الوليدة الغير الشرعية ، ونفهم إستعدادهم الكامل لدعمها مهما كانت النتائج ، فهذا في الحقيقة قضية وجودية للسياسين الغربيين.

ونفهم أيضا الأستعداد لتحمل الخسارة الكبيرة في المدنيين والنساء والأطفال والأرواح ، فالنصوص الدينية تتكلم عن أرض محروقة ومجازر لا يمكن تخيلها ، والقضاء التام على قوى الشر في الجهة الأخرى .

وصدق جبران عندما أخبرنا بأن الراهب سمعان ، وجد الشيطان جريحا وعلى شفا الموت في احد الوديان ،وهمس الشيطان في أذنه أنا اعرفك جيدا نحن أصدقاء منذ زمن بعيد ، وبعد جدال قال له أنا الشيطان، فأنتفض سمعان وأراد تركه لمصيره.

عندها قال له الشيطان تمهل فلو مت أنا فكل بضاعة الأديان القائمة على إخضاع الإنسان لأطماع رجال الدين من كل الأديان التي تمتهن هذه التجارة ستموت بموتي.

عندها لن يلجأ لكم أحد ، فما حاجته بكم والدرب يخلو من الشياطين والطريق إلى الله سالكة بائنة المعالم ، وليس هناك من يحرف البشر هنا وهناك فلماذا يحتاجون لرجال الدين .

فنظر سمعان وفكر ثم فكر فقال نعم ما تقوله صحيح نحن نحتاج إليك حتى يعرف الناس خالقهم ويسعون لعبادته، فبدونك لن تقام صلوات ولا عبادات ولا حروب وأهوال ولن يسعى البشر لخالقهم فهم يحيون حياة رغيدة سعيدة.

وكم تجارة هناك قائمة على وجود شر ليس موجود والبحث عن أمان هو في الحقيقة موجود ، ولكن بضاعة هذه الفئة التي تحتاج إلى تسويق تبحث عن المعابد والرجال والتمائم والرقى وتخلق الشر والحروب والقتل والدمار هناك ، وتسعى لحماية وعلاج وتطبيب كل الشياطين الصرعى في تلك الأودية.

فبدون هؤلاء يتحرر العقل وتستقيم العلاقة بين الله وخلقه وتنتفي الحاجة لمثل رجال الدين هؤلاء .

ولكن حتى يستقيم الفهم ، ستزهق أرواح بريئة، وأطفال لا ذنب لهم ، ونساء قتلت لا تدري فيما قتلت ، وسيدفع الحق ثمن سكوت البعض على كل هذا الشر في هذا العالم .