حسين الجغبير يكتب : تطوير العقبة.. نموذج يحتاج إلى استنساخ

نبض البلد -
حسين الجغبير
اعتدنا في المجتمع الأردني على التسابق نحو إطلاق الانتقادات، والطاقة السلبية تجاه كل شيء ناجح، حيث نتفنن في نقل كل ما هو ضار، فيما نغمض أعيننا عن كل منجز يتحقق، ونستكثر على أنفسنا أن نقول بحق هذه الدولة إن هناك ما يستحق الشكر والثناء على ما يقدم من أداء في موقعه.
ليس لي معرفة عميقة بالرئيس التنفيذي لشركة تطوير العقبة حسين الصفدي، لكني معني بالحديث عن تجربته وما يقوم به من إجراءات تصحيحية في الشركة، انطلاقا من قاعدة تسليط الضوء على حزمة إجراءات حبذا لو يتخذها كل مسؤول في جميع المؤسسات، التي من شأنها خفض التكلفة وترشيق العمل، وتأمين جودته.
الصفدي أقدم على ضبط الانفاق، وعمد إلى خوض معركة ضد جميع أشكال الترهل الإداري والمالي. كيف كان هذا، ببساطة عبر قرارات اتخذت بوقف أعمال اللجان المشكلة داخل الشركة التي تكبد موازنتها الشركة مبالغ كبيرة، تذهب مكافآت لأعضاء اللجان بشكل شهري، واقتصار هذه اللجان على ثلاث رئيسة متخصصة لغايات تسيير أعمال تحتاج إلى استشارات قانونية وإدارية.
وعمد الصفدي إلى منع سيارات الشركة ولكل المستويات الوظيفية من التحرك بعد انتهاء العمل الرسمي، مع التأكد من ركنها في مواقف الشركة تحت طائلة المسؤولية القانونية، إلى جانب منع تحركها خارج مدينة العقبة إلا بموافقة رسمية ولغايات العمل الرسمي.
ببساطة هذا ما نحتاجه في جميع المؤسسات، لما له من دور فاعل يظهر جدية المسؤول وقدرته على تحقيق وفر مالي يذهب أدراج الرياح من موازنة هذه المؤسسات دون اخذ اعتبار للوضع المالي لها أو للدولة بشكل عام، التي تعاني موازنتها عجزا ماليا كبيرا.
ما أفكر به، هو أن هذه القرار بالتأكيد ليس صعبا، ولا يحتاج إلا إلى اداري صارم، فما الذي يجعلنا غير قادرين على استنساخ هذه التجربة في باقي المؤسسات. هل المسؤولون يعانون ضعفا، أو أنهم مستفيدون، أو غير مكترثين للمال العام، أو للتنفيعات والعلاقات الشخصية لها الغلبة على المصلحة العامة؟
لا شك أن الصفدي، وغيره من المسؤولين الذي يعمدون إلى النهج والسياسة ذاتهما، سيواجهون قوى شد عكسي داخل المؤسسة، وربما في مؤسسات مثيلة، لسبب وحيد هو أن هؤلاء سيقع عليهم الضرر، وقد كانوا مستفيدين من حالة عدم المسؤولية التي كانت موجودة، يتنقلون بمركبات رسمية وفي كل الأوقات على نفقة الدولة، ونفقة المواطن في الأصل كونه دافع الضريبة، ومنهم الكثير الذي لا يلتحق في عمله، وإن فعل فلساعات قليلة.
لكن قوى الشد العكسي هذه، التي ستسعى في كل الأزمنة لخوض معارك من أجل مكتسباتها، لن تكون أقوى من صاحب قرار بيده كل الصلاحيات، بيد أن هذا يحتاج أيضا إلى دعم خارجي من مختلف مؤسسات الدولة، لأن هذا النموذج لا يجوز أن يهزم لأن الخسارة عندها ستكون مزدوجة.