شواهد حضارية على تاريخ اربد عاصمة الثقافة العربية

نبض البلد -

 فرح موسى

 

تمتاز محافظة اربد التي تقع على بعد (81) كم شمال العاصمة عمان، بانها ذات طبيعة خلابة، وتنوع ثقافي، وحضاري، وأثري، وسياحي، وتجاري.

وتشهد حاليا تعاونا مشتركا بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ العديد من الفعاليات والانشطة وورش العمل، وذلك بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية للعام الحالي.

وبهذه المناسبة، قال الشيخ محمد طاهر كريزم (أبو عصام): إن إربد متحف مفتوح، يضم متحف آل كريزم، وهو بيت إربدي تراثي، نعده منبرا للمثقفين وبيتا للكرم والضيافة، ومقصدا لمحبي التراث والأصالة، ويقع على كتف إربد، وجاء تأسيسه ليرحب بكل محب للوطن، وترابه، وبفضل الله وكرمه تعدى صيته حدود الوطن.

واضاف لـ"الانباط"؛ إن هذا البيت قام بدوره الذي تأسس من أجله، اذ استضاف العديد من الفعاليات المحلية، والمهرجانات الثقافية الدولية، مثل: عشتار الدولي للشعر، والسنابل الدولي، والقيصر الدولي، والعديد من الأمسيات الثقافية والفنية، واستقبل الوفود الجامعية المهتمة بالتراث الأردني، والرحلات المدرسية، والباحثين في الأنثروبولوجيا، والتراث، وعدد كبير من الوفود السياحية.

 

ويتميز الديوان بأنه متحف للمقتنيات والذكريات التراثية، وقد أخذ على عاتقه مسؤولية عظيمة بالمحافظة على تراث الأباء والأجداد، حيث يضم بين جنباته مواد قيمة من أدوات زراعية، وانشائية، وحرف يدوية، وأثرية، ويعد متحفاً للحياة القديمة، توثق الإرث الإنساني الإربدي، والاردني عموماً.

وعن التعليم قديماً في إربد قال، إن التعليم جزء أساسي من ثقافة المدينة، وكان الاهتمام فيه ركيزة أساسية من عقلية أبناء إربد، إذ كان الاعتماد قديماً على شيوخ الكتاب، والمساجد كان لها دور تعليمي، ودور سياسي. وتابع؛ نذكر من شيوخ الكتاب فلاح أبو ضباع، ونايف أبو الهيجاء، وكانت المقايضة هي العرف السائد للأجور، لأنه لم يكن هناك عملة ورقية أو معدنية غير العملة التركية في ذلك الوقت.

الباحث في التراث الشعبي الدكتور أحمد شريف الزعبي، قال: إن من أهم المتاحف الموجودة في إربد؛ متحف دار السرايا الذي بني بالعهد العثماني عام (١٨٧٠)، وكان مقراً للحكومة، ثم تحول إلى سجن، وتحولت ملكتيه عام (١٩٩٤) الى وزارة السياحة والآثار التي حولته لمتحف للآثار، يعرض في سبع قاعات العديد من الآثار التى وجدت في مناطق إربد، خصصت الأولى لتوثيق تاريخ المدينة، وهناك قاعة المعالم البارزة، وقاعة العصور القديمة، وقاعة المنحوتات، وقاعة العصور الإسلامية، وقاعة الفسيفساء، ووصل عدد القطع الأثرية الكلي (٧١٤٤) قطعة.

واشار الزعبي، الى متحف الحياة الشعبية في جامعة اليرموك، وهو تابع لكلية الآثار والانتربولوجيا، افتتح عام (١٩٨٨)، وتعرض به بعض الآثار التي شاركت الكلية في عمليات التنقيب عنها، أو التي أهديت إليها، كما يوجد فيه ما يمثل البيت الشعبي، والأدوات التي كان يستعملها الآباء والأجداد.

 

وهناك متحف الحصن التراثي، الذي يقع في بلدة الحصن ويتبع لجمعية الحصن للتراث التي يرأسها، سامح حتاملة، وفيه نحو ستة آلاف قطعة من ما كان يستعملها آباؤنا وأجدادنا في مختلف أنشطتهم اليومية.

وبين ان اللهجة الأردنية، مزيج من لهجات القبائل العربية، وخاصة الحجازية، والنجدية، واليمنية، ولا تشذ لهجة أهل إربد (الحورانية) عن هذه القاعدة، وتتميز بما يلي: "الكشكشة " وهي قلب الكاف إلى (إتش ch)، لتميز الأنثى عن الذكر، وكان يقال للمذكر كتابك، وللمؤنث (كتابتش)، وللتسهيل حذفت الكاف وبقيت (إتش ch)، وأيضاً: (أني)، وتعني: (أنا)، وهي إستبدال حرف الألف بالياء، وهذه من لهجة أهل نجد، وقلب حرف الذال إلى (ظ)، إذ نقول: (هاظا)، بدل: (هذا)، (وهظاك) بدل (ذاك)، وإضافة حرف الشين إلى آخر الكلمة، وهذا مأخوذ من اللغة السريانية مثل: (بدي)، (بديش)، (برغب) (برغبش)، ومن الأقوال: (منين)، وهكذا..

وأكد المنسق الثقافي، وأمين سر منتدى عرار، محمد الأصغر محاسنة أن بيت شاعر الأردن مصطفى وهبي التل (عرار) يقع على تل إربد من الجهة الجنوبية الغربية الذي بناه والده المحامي صالح المصطفى التل، سنة (١٨٨٨)، وكان عبارة عن غرفتين، وفناء خارجي، وفي (١٩٠٥) اكتمل بناء البيت ليكون على صورته الحالية، مؤلف من خمس غرف، وساحة سماوية على الطراز الشامي.

وأضاف انه تم بناء البيت من حجر القرطيان الأحمر، والحجر الأسود البازلتي، وسكن البيت المستشار البريطاني سمر سميث، التابع لحكومة فلسطين في زمن الإنتداب البريطاني، ثم تحول إلى مدرسة، وبعدها أصبح عيادة لطبيب هندي اسمه (سنيان)، ثم استخدمه الدكتور محمد صبحي أبو غنيمة عيادة، وسكن، ثم أسس محمود أبو غنيمة مدرسة العروبة الإبتدائية، وعمل على إدارتها، ثم عادت للعائلة الى أن تبرعت شقيقات الشاعر بالبيت ليكون وقفاً تابع لوزارة الثقافة، تقديراً لدور عرار في مسيرته النضالية، والفكرية، والسياسية، والأدبية.

وبين المحاسنة أن البيت يُعد مركزا ثقافيا، وسياحياً، يقام على ساحته الخارجية الأنشطة الثقافية المختلفة، ومعلماً سياحياً، وأكاديمياً لطلبة الهندسة، لما للبيت من طابع معماري مميز، ويقام فيه سنوياً، مهرجان عرار الشعري الذي يتبناه منتدى عرار الثقافي، باستقطاب نخبة من الشعراء، إضافة إلى إقامة معارض للفن التشكيلي، وندوات ثقافية مختلفة، وزيارات لطلبة المدارس، والجامعات، والمجتمع المحلي.

وعن أول فندق في إربد، قال الباحث في التراث الإربدي رائد حجازي، إن أول فندق في إربد أسسه المرحوم الحاج عبد الرحمن محمد حجازي في بناية محمود جمعة، وقد سمي باسم "فندق غازي" نسبة للملك غازي بن فيصل الهاشمي، ويقع في الوسط التجاري لمدينة إربد، ويتميز بأنه أول مبنى على نظام الطوابق، منذ عام (1920)، إذ يوجد في الطابق الأرضي عدد من المحلات، وكان يتم البيع عن طريق المقايضة.

ويتميز بأن أرضيته عبارة عن بلاط مزخرف بزخرفة رائعة، ويحتوي على ثلاث غرف، فقد كان استئجار الغرفة بتخت واحد ب (45) قرشاً، وبتختين ب (30) والتي بتخت واحد ب (15) قرشاً، أما وقت الأزمات، فكانوا يضعون فرشات، واستئجارها بخمسة قروش للفرشة الواحدة.

رئيس جمعية الرواد للفنون التشكيلية الفنان الدكتور خليل الكوفحي، قال؛ الحركة التشكيلية في اربد بدأت منذ مطلع الثمانينيات، ومنذ تأسيس كلية الفنون الجميلة في جامعة اليرموك، وبهذا فإن البوادر الجادة لظهور حركة تشكيلية في إربد كان عام (1980)، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود نشاط تشكيلي في إربد، ومع بداية السبعينيات؛ ظهرت فعاليات تشكيلية لعدد غير قليل من الفنانين، وبجهود شخصية، وبفنهم الفطري مارسوا الفن. ومن عشقهم وحبهم لإربد كانوا يقيمون بعض المعارض في صالات غير مخصصة لعرض اللوحات الفنية، مثل قاعات المحافظ، ومراكز الشباب والشابات، وعدد غير قليل منهم شاركوا بلوحاتهم مع زملائهم الفنانين في رابطة الفنانين التشكيليين، ومنهم عفاف حجازي، وعمر بصول، وعصام سيلاوي، وسوزان الصباغ.

 

أما البداية الفعلية للحركة التشكيلية في إربد، كما يقول الكوفحي، فقد بدأت عام (1980) إذ أنشئ في جامعة اليرموك قسم للفنون الجميلة، وكان أول قسم في الأردن للتعليم العالي، يتم فيه تدريس أربعة فنون هي: التشكيلية وأيضاً التطبيقية والمسرحية والموسيقى. وفي (2001)، تحول هذا القسم إلى كلية للفنون الجميلة، تضم أربعة أقسام أكاديمية، تمنح البكالوريوس في تخصصات الفنون المختلفة، وأضاف إن تأسيس كلية الفنون الجميلة شكلت خطوات مهمة في مسار الحركة التشكيلية الأردنية، وأتاحت للطالب فرصة التزود بالأصول، والقواعد العلمية للفنون.

وختم بشكل عام فإن الحركة التشكيلية في إربد حركة حديثة نوعا ما، لكن على الرغم من ذلك فقد شهدت نهوضاً وتطوراً متواصلين، وكان عدد الفنانين في تزايد مستمر، مما يبشر بمستقبل جيد.

وعن التطور التعليمي في محافظة اربد يقول، الاستشاري التربوي وتعليمي مهند التميمي لقد تأسس نظام التعليم الحالي بعد تأسيس المملكة عام (1946)، وقد بُني في أساسه وبداياته على نظم موروثه من فترات سابقة ، فقبل 1921) كان نظام التعليم نظاماً تقليدياً متوارثاً عن النظم العثمانية التي كانت سائدة في تلك الفترة، وكان إطار النظام التعليمي مقتصراً على عدد قليل مما كان يسمى آنذاك بالكتاتيب، إضافة إلى بعض المدارس الابتدائية ، ومع تأسيس إمارة شرق الأردن تأسس معها نظام تعليم شامل حيث ارتفعت معه المدارس إلى (44) وعدد المعلمين إلى (71 ) عام( 1922)

واضاف انه منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، دخلت الحركة التعليمية مرحلة جديدة، فزاد عدد المدارس وتغيّرت روح التعليم العصرية والبرامج الحديثة، فانتشرت المدارس في كل حي وشارع من اربد، وصار في كل قرية وبلدة مدارس تضم جميع مراحل التعليم.

واليوم تضم اربد عدداً من الكليات الجامعية المتوسطة، منها: اربد للبنات، والرازي، وابن خلدون، وغرناطة، وقرطبة، وعجلون، وجرش إضافة إلى جامعات: اليرموك والعلوم والتكنولوجيا وإربد الأهلية، وجدارا، وكلية الحصن/جامعة البلقاء.

 

واضاف ان بلدية اربد انشأت في (1955) مكتبة عامة، تعد أول مكتبة بلدية في الأردن، وفتحت أبوابها للقراء عام 1957، وتحتوي على( 39820) كتاباً ودورية وتفتح أبوابها يومياً للمواطنين وطلاب الجامعة.

ومن معالم الحركة الرياضية والثقافية في اربد:النادي العربي الذي انشىء عام (1945)، ونادي الحسين الذي انشئ عام (1964) إضافة الى المراكز الشبابية المنتشرة في مختلف مناطق اربد، ومدينة الحسن الرياضية، ومنتدى اربد الثقافي عام (1982)م.

نبض البلد -